بسم الله الرحمن الرحيم
أسرار تاريخ الأندلس: من الفتح إلى السقوط!
إن الزائر للمدن الأندلسية اليوم "اسبانيا" لتدمع عيناه حسرة على فردوس المسلمين المفقود ، و لاتزال المعالم الإسلامية من جامعات و مساجد و آثار مثل "قصر الحمراء"شاهدة على عظمة ازدهار الحضارة الإسلامية خلال القرون الأربعة الأولى لتاريخ المسلمين، القرون الوسطى كما يسميها الغرب.
دام الحكم الإسلامي بالجزيرة الأيبيرية (اسبانيا و البرتغال) حوالي ثماني قرون من سنة 92 ه الى غاية 897 ه /1492 م مع سقوط آخر مدينة للمسلمين غرناطة جنوبا.
لشراء كتابي تاريخ المسلمين بين المجد و الانحطاط
إن تاريخ الأندلس يعد حلقه من تاريخ المسلمين المتأرجح بين القوه و الضعف ، فبعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه و سلم انتشر الإسلام في اقل من قرن من الجزيرة العربية الى بلاد السند (الصين ) و الهند شرقا و الى الأندلس و جنوب فرنسا غربا و هذا بفضل الله أولا ثم بحملات الفاتحين المسلمين الحاملين بحق رسالة محمد (عليه الصلاة و السلام) ؛ الكتاب و السنة.
من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم الى ولاة الدولة الأموية و من بعدهم.
قبل الخوض في موضوعنا ، تجدر الإشارة إلى سنة كونية أو صفة تلحق بالزعماء و العظماء ، ألا و هي البراعة و الظهور في السياسة و العسكرية لبعضهم و البعض الآخر في العلم .
لا شك أن الأكمل هو جمع القائد بين فنون السياسة و العلم كما حدث عند الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، و للأسف قليل جدا من جمع بين هذين المجالين من بعد زمن السلف الصالح.
فإما البروز في العسكرية و السياسة كما هو اكثر الخلفاء على غرار هارون الرشيد و الخلفاء العثمانيين الأقوياء كمحمد الفاتح و غيرهم، و إما البروز في العلم و الفكر كما هو الحال في أحفاد هارون الرشيد (الخلافة العباسية): المأمون و غيره الذين أسسوا بيت الحكمة في بغداد.
من فتح الأندلس؟
و نبدأ بحكاية الفتح ، فبعد فتح المغرب الإسلامي على يد القادة عقبة بن نافع الذي أسس العاصمة القيروان سنة 50 ه بتونس، ثم أبو المهاجر دينار أول فاتح للمغرب الأوسط "الجزائر" الذي بنى اول مسجد به بمدينة ميلة حاليا.
و موسى بن نصير و غيرهم رضي الله عنهم، و بعد مشورة موسى بن نصير (والي المغرب) من طرف طارق ين زياد(يقال انه من البربر) لفتح الجزيرة الأيبيرية سنة 92 ه /711 م ،سمح له موسى بن نصير بعد مشورته للخليفة الأموي بشرط ارسال فرقة استطلاعية بقيادة طريف لجزيرة طريفة ليكشف عن مواقع و أحوال العدو .
و الغريب أن حاكم سبتة "يوليان"من القوط (الإسبان) سهل لطارق بن زياد الفتح و أرسل له السفن لحمل الجنود ّ، لماذا فعل ذلك؟ لأنه كان في خلاف مع ملك اسبانيا بسبب ابنته(ابنة يوليان) و هذا يدل على مدى الضعف و الإنحلال الأخلاقي للإسبان و نصارى أوروبا في ذلك العصر. و بعد معركة وادي لكه يوم 28 رمضان 92 ه/711 م تم النصر و الحمد لله على يد الفاتح طارق بن زياد رغم الفارق الكبير في العدة و العدد بينه و بين ملك النصارى ، يقول عز و جل (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) "البقرة 249" .

العصر الأموي
و بعد هذا الفتح مرت الأندلس كغيرها من الولايات الإسلامية بفترات ضعف و قوه ، و نمر باختصار الى أعظم فترة ازدهار الدولة "الحكم الأموي " بعد سقوط الدولة الأموية بدمشق هاجر آخر الولاة الأمويين عبد الرحمان الداخل الى الأندلس و أسس بها دولة قوية عاصمتها قرطبة.الضعف وملوك الطوائف :
و كاد الأندلس يسقط كله لولا أن الله سخرعبده قائد دولة المرابطين القوية بالمغرب" يوسف بن تاشفين" الذي وضع حد لهجمات النصارى بعد انتصاره على ملكهم ألفونسو السادس المغرور في معركة الزلاقة الشهيرة سنة 479 ه ، و أخر بذلك سقوط الأندلس لأربعة قرون اخرى."و ما يعلم جنود ربك الا هو". و استقر الوضع مع حكم المرابطين حوالى قرن.
دور الدولة العثمانية في حماية المغرب الإسلامي:
فمع سقوط آخر مدينة للمسلمين بجنوب الأندلس "غرناطة" بيد الإسبان سنة 897 ه خضع مسلمو الأندلس للظلم و التهجير تحت محاكم التفتيش للنصارى ،بل حاول الإسبان تحت ملكتهم إيزابيلا احتلال بلاد المغرب أيضا! الضعيفة آنذاك، لولا ان الله سخر الدولة العثمانية التي انجدت سواحل المغرب بحملات الأخوين خير الدين بربروسا و أخيه . حيث صدوا حملات الإسبان و أجلوا ما بقي من مسلمي الجزيرة الخضراء "الأندلس" الى المغرب الإسلامي عبر سفنهم.
أسباب السقوط و طرق النهوض:
- العلم(الشرعي و الكوني)
- العمل .
- الأخلاق.
- بعد أمراء الأندلس عن الله و النهج الذي حدده الرسول عليه السلام لهم كما جاء في الحديث الصحيح في حجة الوداع "تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي أبدا ان اعتصمتم به كتاب الله و سنتي"، و غفلتهم و ميلهم الى حياة الترف و الشهوات من جواري و أموال طائلة...
- اختلافهم فيما بينهم على الحكم و الرياسة حتى صار لكل مدينة خليفة!! بل صاروا يتحالفون مع عدوهم النصارى على بعضهم البعض خاصة مع ظهور ملوك الطوائف، فانقسمت الدولة الواحدة الى دويلات ضعيفة.
- حملات النصارى شمالا التي بدأت من جبال البيرينيه ( و للتذكير فإنه من أخطاء الفاتحين الأوائل أن تركوا مجموعة قليلة من النصارى بهذه الجبال وقالوا "عشرون علجا ما عسى ان يأتي منهم"). هؤلاء المجموعة أسسوا ممالك القوط النصارى و استغلوا ضعف المسلمين و احتلوا مدينة تلو الأخرى .
- تخاذل الولايات الاسلامية الأخرى عن نجدتهم ، باستثناء بعض ولاة المغرب مثل أمراء دولة المرابطين التي أخرت سقوط الأندلس لقرون ،و بعض ولاة الدولة العثمانية.
الخاتمة :
المراجع:
- من محاضرات المؤرخ يوسف الدعيج "تاريخ المغرب و الأندلس".-موقع ويكيبيديا.
و الحمد لله.
إرسال تعليق
لديك تعليق ارسله هنا: