U3F1ZWV6ZTIyNzM3NTk1MDI1MDYwX0ZyZWUxNDM0NDg0MTA4MTEyNQ==

ما هو مستقبل العولمة في ظل صراع الحضارات؟

ما هو مستقبل العولمة في ظل صراع الحضارات؟

عالمية لا عولمة

العولمة
العولمة و تهديدها لخصوصية الشعوب

لقد تسارعت التحولات الجيوسياسية منذ القرن الماضي وما صاحبها من تحولات اقتصادية و اجتماعية و فكرية.

فمر العالم من نظام  ثنائي الأقطاب الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة الامريكية الى أحادي الأقطاب منذ انهيار ا س بقيادة الو م ا، 1990.

 لتتخذ العولمة شعار لها. العولمة التي تلقت ضربة في ازمة الكوفيد 19 و اخرى في ازمة الطاقة و سلاسل التوريد مع الصراعات الجيو سياسية.

 ثم نرى الان عودة إلى العالم متعدد الأقطاب مع صعود الصين كأول قوة اقتصادية ،وقوى صاعدة أخرى كروسيا و الهند. و ما يشهده الصراع العسكري الآن بين روسيا و اكرانيا خير دليل على عودة النظام المتعدد الأقطاب.

الأنظمة الوطنية و نظام العولمة:

لقد ساد منذ 70 سنة او اكثر نظامين بارزين في العالم:
نظام الدولة القطرية الوطنية ، المنغلقة على نفسها ، جل اهتمام قادتها و حكامها مصوب نحو الداخل و خصوصيته، على غرار روسيا و كوريا الشمالية و الصين سابقا و حتى الجزائر و بعض الدول النامية.

الغرب والعولمة:

و بالمقابل اتخذت الدول الغربية بزعامة الو م أ شعارات العولمة البراقة و الحريات و حقوق الانسان فهل صحيح حقيقة العولمة بهذا الوجه الجذاب؟ لا شك أن سياسة الكيل بمكيالين تجاه الشعوب الضعيفة و المضطهدة على غرار الشعب الفلسطيني التي احتلت أراضيه غصبا.
 و احتكار ثلة من الدول الغنية لمعظم ثروات العالم في حين لا تزال نسبة كبيرة من مجتمعات العالم الثالث تحت مثلث الفقر و المرض و الجهل ، هذا يناقض الشعارات البراقة لديمقراطية العولمة.
 و قد اختلف زعماء و مفكري العالم في رؤيتهم للعولمة. 
فزعماء الدولة الوطنية يرون في العولمة تهديد مباشر لخصوصية الأوطان و الشعوب. و يرى اخرون انها ترويج لعالم افضل مع تطور الرقمنة و الاتصالات حتى صار العالم قرية صغيرة.
و قد كشفت التطورات الأخيرة بين روسيا و الغرب ضعف المعسكر الغربي و ابدت معالم أفوله.

رأي الإسلام من العولمة؟

في الحقيقة الإسلام الوسطي لا ينحاز لا لأصحاب الدولة الوطنية و لا للعولمة!
ولكي نفهم هذا نعود الى سياق التاريخ :
 ففي أيام ازدهار الخلافة الإسلامية لم ينحصر النظام السياسي في حدود قطر جغرافي معين او شعب معين بل امتد من الهند الى المحيط الأطلسي بالمغرب و الاندلس، و مع ذلك حافظ على خصوصية الشعوب و هويتها ،على راسها الإسلام و اللغة الخ. 
قال الله تعالى : (و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم )"الحجرات" .
و لم تذوب ثقافة و خصوصية الشعوب كما هو الحال في  العولمة. أي ان الإسلام نظام وسطي يحافظ على الخصوصية مع الانفتاح على محاسن الثقافات و تجارب القوى العالمية الأخرى.

 خاتمة:

فعلى دعاة العولمة ان يقيدوها و يهذبوها ، كي تصير عالمية او عولمة تحترم خصوصية الشعوب و اصالتها كما فعل الإسلام المعتدل.

 ما بعد الحداثة الجيل الرابع

منذ نهاية القرن العشرين حاول  الكثير من علماء المستقبليات على غرار "توفلرالتنبِؤ(مجرد احتمالات فالغيب لله وحده)  بمصير الإنسانية اجتماعيا و اقتصاديا و فكريا و غيرها بعد الثورة الصناعية في أوروبا ، التي يعود جذورها منذ نهاية القرن السابع عشر خاصة في بريطانيا.( تحرير العقل من خلال النهضة التنويرية في أوروبا).
إلى ان وصلت الثورة التكنولوجية إلى الجيل الرابع : جيل الرقمنة و الذكاء الاصطناعي.

الأيديولوجيا

هو علم الأفكار ، و يقصد به انطلاق المفكر من بيئة اجتماعية و خلفيات فكرية  ذاتية فيعطي نتائج غير صحيحة و مخالفة للواقع والحقيقة.

 في الحقيقة اللاموضوعية ليست شر محض في حد ذاته بل التعصب لها هو الخطأ .حيث أنه من غير الممكن الكتابة بموضوعية كاملة لأنه لكل كاتب شخصيته و أصله ، و لكن ينبغي له تحري الموضوعية اما استطاع. 

 ما بعد التنوير و الحداثة في الغرب:

رغم تحيز الرأي العام في الغرب الإيديولوجي نحو مظاهر الحضارة الغربية و تهميشه عبر وسائل الإعلام لباقي حضارات العالم.

فقد تغيرت في العقود الأخيرة عند المفكرين و الفلاسفة الغرب النظرة المثالية و الوردية للنهضة الأوروبية العقلانية [1] حيث صارت تسع  الدين بعدما إتهمته  باللاموضوعية ، مع العلم ان عقلانية التنوير في أوروبا  متهمة نفسها باللاموضوعية.

و مبنية على استعلاءها على باقي حضارات شعوب العالم عند أكثر مفكريها  خاصة المستشرقين الفرنسيين حتى قال المفكر الشهير فيكتور يغو في القرون الوسطى إن الله وهب لنا إفريقيا (للسيطرة عليها).

 و أستثني الاستشراق الألماني المعتدل و الأقرب إلى الموضوعية والحقيقة. أذكر على المثل لا الحصر : المفكرة الألمانية زيغريد هونكه ، و آنا  ماري شيمل

و هذا التحول  نحو الاتزان و الموضوعية  لبعض  المثقفين الغربيين راجع لعدة أسباب ، من أبرزها الطفرة التكنولوجية التي عرفتها وسائل الإتصال و الإعلام الرقمي  مؤخرا (الأنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي رغم بعض سلبياتها) و المفتوح على حرية الرأي و الرأي الآخر.

 فقد انتهى أو انحصر عهد التوجيه الأحادي و احتكار المؤسسات الرسمية لوسائل الإعلام. و محاولة تظليل الجماهير بسياساتها الإيديولوجية.

و على الجهات الرسمية الآن دور المراقبة و تبيين الأخبار الكاذبة و التنظيم فقط.

الأيديولوجيا في الفكر الإسلامي:

لم يسلم مفكرو المسلمين  من اتهامهم باللاموضوعية خاصة من طرف العلمانيين . 

فالحل هو الجمع بين محاسن الحداثيين [2] و الدينيين ، و بين إيجابيات كل مدرسة ، مدرسة العقلانيين من الفلاسفة و المفكرين المسلمين على غرار ابن رشد و ابن خلدون و بعدهم أركون الخ، و مدرسة الروحانيين كالغزالي و ابن العربي…و اجتناب مساوئهم. أي الاستماع إلى رأي الآخر ثم نقده موضوعيا بالأدلة  بأسلوب حضاري و ليس الرفض المسبق و الاقصاء.

اما الرسالة الإسلامية المعتدلة فهي مثالية من حيث الأصل (الكتاب و السنة الصحيحة) ، لا يمكن نقدها أبدا من أي كان ، مفكر او فيلسوف محدود العقل.

فهي الرسالة السماوية الوحيدة التي تمكنت من تحقيق التوازن بين عقلانية الغرب و روحانية الشرق.

  و هذا يصب في الأخير لإسعاد الإنسان في شتى المجالات المادية و النفسية و الروحية. و إن أردت الدليل على ذلك فعد إلى التاريخ و إلى فجر الدولة الإسلامية و ما خلفته هذه الحضارة من شواهد العظمة و العلوم و الفكر في جامعات بغداد و دمشق و قرطبة و اشبيلية بالأندلس و غيرها.

قد يقول قائل : و لكن ما سر هذا التخلف الذي يشهده العالم الإسلامي منذ قرون؟، و الجواب يكمن ببساطة بضرورة التفريق بين أصل الرسالة السماوية  المثالية كما جاء بها محمد صلى الله عليه و سلم و بين ممارسة الكثير من المسلمين الذين انحرفوا عن الأصل و اختلفوا في شيع و جماعات متنازعة، أي ينبغي لكل عاقل التمييز بين الإسلام الحق و تصرفات بعض المسلمين.

ولا أقصد بكلامي التعميم بل استثني فئات واسعة من النخبة من المثقفين المسلمين و المصلحين في كل زمان و مكان رغم قلتهم.

الجيل الرابع 

فكريا:  

يقول الدكتور طارق السويدان (دكتور في هندسة البترول من أمريكا و داعية إسلامي) أن خمسة عشر مركز بحث استراتيجي في عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية مجمعون أن الصراع القادم هو بين حضارة الغرب و حضارة الإسلام.

اجتماعيا:

تغيرت نظرة الأبستمولوجيا الأحادية إلى مفاهيم متعددة.

تكنولوجيا و اقتصاديا:

منذ نهاية تسعينات القرن الماضي و بداية الألفية الثالثة ، تطور اقتصاد العالم إلى اقتصاد المعرفة. مع ظهور الرقمنة و ووسائل الاتصال المتطورة كالأنترنت السريعة و الهواتف الذكية مثل  Iphones ، و الذكاء الاصطناعي على غرار الروبوت و drones ذات الاستخدامات المختلفة : العسكرية و البيئية و العلمية.
لا شك ان هذه الوسائل سهلت و غيرت نمط المعيشة اليومي للأفراد و المجتمعات . و إن كان لها محاسن كبيرة فإنها لا تخلو من مساوئ حسب نية المستخدم و دوافع الحكومات الإيديولوجي أحيانا.

الخاتمة :

لقد عرف العالم في العصر الحديث تحولات حضارية كبرى  و الحق أن الحضارة المعاصرة لا نختزلها في منجزات الغرب فقط بل هي نتيجة اسهامات فكرية و حضارية لعدة حضارات و أجناس عبر التاريخ منها الحضارة الإسلامية  .

و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله:

[1]  التي يعود جذورها إلى أواخر القرن السابع عشر حيث ارتكزت على العقلانية و الغاء ما هو روحي ، من رواد فكرها الفيلسوف الفرنسي ديكارت…

[2] : اقصد العقلانيين المسلمين و ليس الماديين المتطرفين (العلمانيين).



تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

لديك تعليق ارسله هنا:

الاسمبريد إلكترونيرسالة