آخر تحديث: 28/10/2022.
التحول الرقمي: محرك النمو الجديد في الجزائر
 |
التحول الرقمي في الجزائر خطوات نحو المستقبل |
مقدمة كرونولوجية:
منذ ثلاثين سنة، أذكر و أنا طالب في الجامعة أنذاك 1997(في الإتصالات) بداية ظهور شبكات الأنترنت و الرقمنة في العالم المتقدم منذ 1993، ووصلت إلى الجزائر بشكل محتشم ، نظرا لحساسية بعض المجتمعات المنغلقة على التكنولوجيات الجديدة (إلا بعض فئات النخبة المتنورين).
و رغم ذلك فقد زودت الكثير من الإدارات بأجهزة الحواسيب انذاك، ثم تطور الأمر مع الألفية الثالثة إلى إن صار أكثر من 50 % من المجتمع الجزائري يستخدم الأنترنت مع انتشار الجيل الرابع لشبكات الهواتف الخلوية منذ 2016. حيث اقتنع معظم المسؤولين و حتى أفراد المجتمع بأن التحول الرقمي حتمية لا مفر منها.
رقمنة الإدارات
لا أنكر التحولات الرقمية الملحوظة في القطاعات التعليمية و الإقتصادية و الخدمات العمومية، فقد استحدثت مؤخرا وزارة الرقمنة و الإحصائيات لإضفاء شفافية أكبر في الإدارة الجزائرية. و صار بالإمكان استخراج بعض الوثائق الشخصية و طبعها من المنزل مباشرة عبر الموقع الرسمي لوزارة الداخلية على سبيل المثال.
كما أن كل فواتير الإستهلاك المنزلي و الشخصي( الكهرباء و الماء و الهاتف...) تتم ببساطة عن بعد عبر تطبيقات رسمية تحمل على الهاتف أو الحاسوب الشخصي. و لكن رغم كل هذا لا يخفي التأخر الكبير في الجزائر في هذا المجال نظرا لبطأ سرعة التدفق التي لا يتجاوز معدلها 10 mbps ، بالمقارنة مع أكثر من 100 mbps في دول الخليج و أوروبا.(شبكات الجيل الخامس)، و يعود بطئ سرعة التدفق إلى تـأخر ربط المستخدمين بشبكة الألياف البصرية (بسرعة 100 mbps)، حيث تم ربط 700 ألف منزل في المدن الكبرى إلى غاية 2022. مع العلم أن 7 ملايين جزائري مرتبط باتصالات الجزائر و يستخدم الأنترنت.
مركز البيانات السحابي data Center / cloud
ناهيك عن غياب بنك البيانات على السحابة(data Center / cloud )
على المستوى الوطني، و هي مسألة حساسة لبيانات القطاعات السيادية للدولة كالمعلومات الأمنية و السجلات الشخصية و أسرار المؤسسات الحكومية. إذا أخذنا بعين الإعتبار التهديدات السيبرانية عبر العالم.
كما تتيح تقنية التخزين السحابي حماية فائقة للبيانات في حال تعطل أجهزة مصلحة ما، و من ميزاتها المبهرة امكانية وصول كل المصالح الإدارية في مختلف قطاعات الدولة إلى المعلومة ، فمثلا يمكن لإدارة أي مؤسسة التحقق مباشرة من هوية عمالها و وثائقهم الشخصية بالولوج إلى مركز البيانات السحابية للدولة دون اثقال كاهل المواطن بالملفات و الوثائق.
منجزات معتبرة و لكن!
حققت الجزائر في العقود الأخيرة منجزات كبيرة في مجال الإعلام و الإتصال لتقليص الفجوة الرقمية بينها و بين العالم المتقدم:
_ الألياف البصرية: منتشرة عبر معظم المدن الكبرى ، متصلة بكابلين من الجزائر العاصمة إلى بالما باسبانيا، و عنابة بمرسيليا، بالإضافة لكابل بحري ثالث يربط وهران بفالنسيا باسبانيا.
_ قمر صناعي للاتصالات الاسلكية Alcomsat1 دخل الخدمة عام 2017.
_ تغطية شبه كاملة لشبكة الجيل الرابع G4، مع التفكير مستقبلا في الجيل الخامس الفائق السرعة، و لكنها تستلزم هوائيات بعدد كبير جدا.و كذا أنترنت الأشياء التي لازالت حلم.
انعكاسات الرقمنة على اقتصاد المعرفة
كي أضع القارئ الكريم في الصورة، فقد ظهرت في اللآونة الأخيرة خصوصا منذ 2019، أنظمة عمل جديدة عن بعد( بحاجة إلى مزيد من الدراسة) بالموزاة مع الأزمات المناخية و الصحية ككوفيد 19 و الإقتصادية كما هو الحال دائما في المراحل الإنتقالية، أرجوا من الله أن يجعل عاقبتها خير و عافية على العالم و العالم الإسلامي.
المهم أنه تمخضت عن هذه التحولات ما يدعى بإقتصاد المعرفة القائم بالأساس على التحكم في المعلومة و المعلوماتية عبر رقمنة معظم أو كل القطاعات، و تزايد التحول نحو الطاقات المتجددة و الإقتصاد الأخضر.
الخاتمة: التحول الرقمي و الخصوصيات المحلية.
كما لا يخفى عليك فإن عصر اقترب إلى نهايته و هو سيطرة النموذج الغربي على كل العالم عبر العولمة و اختزال و اقصاء خصوصية المجتمعات المحلية و الحضارات الأخرى أثبتت الأحداث الأخيرة فشله مع ظهور قوى جديدة كالصين و غيرها، و هذا لا يعني الإنغلاق على الذات و اهمال الإستفادة من محاسن الغرب لا سيما العلمية.
و دون الغوص في ذلك أعود إلى موضوعنا الرقمي، إلى حد الآن لا تمتلك الجزائر البدائل للمواقع الرقمية الكبرى الأمريكية ووسائل التواصل الإجتماعي الكفيلة بحفظ خصوصية و الثقافة المحلية للمجتمع الجزائري. و هذا ما يضعنا تحت رحمة السياسات الرقمية الأجنبية.
مع تحياتي الخالصة.
إرسال تعليق
لديك تعليق ارسله هنا: